منتديات شموع الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحمـــــــار ( قصة )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسعدالنحلة
عضو فعال
عضو فعال
مسعدالنحلة


عدد الرسائل : 129
نقاط : 137
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 25/01/2009

الحمـــــــار ( قصة ) Empty
مُساهمةموضوع: الحمـــــــار ( قصة )   الحمـــــــار ( قصة ) I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 14, 2009 6:57 pm

الحمـــــــار








حمار المعلم صابر .. كان مثالا للحمار
المطيع .. نشأ وترعرع في كنفه منذ أن ولدته أمه المرحومه .. ولما اشتد عوده ، ربطه
المعلم صابر في العربة الكارو ، وشد لجامه .. تبوأ الحمار مكانة أمه في جر العربة
من سوق الجملة للخضار والفاكهة .. وقد أبلى بلاءا حسنا منذ أن كان جحشا صغيرا ..
طوال حياته لم يتبرم .. أو يثور .. أو ( يحرن ) أو يتذمر .. كان مثالا للطيبة
والهدوء .. وكان يتمتع أيضا بالذكاء .. نِعمَ الذكاء .. لم يكن المعلم صابر يوجهه
أثناء رحلة الذهاب أو العودة .. كان يحفظ الطريق عن ظهر قلب .. يكفي أن يصدر له
المعلم صابر صوتا خفيضا ، أو يبدي رغبته لبدء الرحلة حتى يشرع الحمار في السير دون
توجيه .. لذا لم يكن المعلم صابر يضربه .. بل استغنى تماما عن السوط أو العصا
وأهملهما في مكان ما في البيت .. فلا حاجة له بهما .. لأن حماره لا يرفض له رغبة ،
ولا يعصي له أمرا .. لم يكن المعلم صابر بدوره يبخل عليه بالطعام .. بل كان يختصه
بأشهي أنواع الطعام مثل الحبوب والتبن رغم ارتفاع سعرها نسبيا عن البرسيم
والخضروات الأخرى .. لم يهمل نظافته ، ورعايته .. يصطحبه كل اسبوع إلى الترعة
المجاورة ليغتسله بالماء والصابون .. ورغم أن الحمار كان مدللا جدا من قبل المعلم
صابر .. إلا أنه كان مثالا للخلق القويم والالتزام والطاعة .. في أحد المرات كان
المعلم صابر منشغلا مع أحد التجار في مناقشة حادة .. خشي أن تتأخر حمولة الخضار
والفاكهة إلى صاحبها في التوقيت المتفق عليه .. فما كان منه إلا أن لكز الحمار
فانطلق وحده في طريقه حتى وصل وسط دهشة وتعجب صاحب البضاعه .. لذا كان المعلم صابر
يثق في حماره ثقة عمياء .. كان أصحاب عربات الكارو .. زملاء المهنة .. يحسدونه
عليه .. يتمنون أن يكون لديهم مثله .. وكثيرا ما كانوا يداعبونه ويعرضون عليه شراء
حماره فكان يرد عليهم ضاحكا ..


ــ
على جثتى ..


كان المعلم صابر يراقب نمو جسد الحمار
.. وازدياد قوة عضلاته وتضخمها في زهو بالغ .. كان يشتد عوده يوما بعد يوم ،
وتزداد قوته .. وبالتالي تزداد الحمولة التي يجرها ، ويزداد العائد المادي في جيب
المعلم صابر .. لذا كان يقوم بتبخيره بالمبخرة التي اشتراها خصيصا لهذا الغرض ..
فيدور بها حول جسد الحمار كل ليلة .. بعد انتهاء العمل .. فكان الدخان يتصاعد حتي
يملأ المنزل عن آخره .. والرائحة تعبق المكان بأريج البخور الصارخ فينفر الحمار
منخاريه ويهز رأسه في عصبية لا يدري المعلم صابر إن كان ذلك استحسانا لرائحة
البخور أم اعتراضا على كثافة الدخان الخانقة .. كل ما كان يهمه هو الوقاية من
الحسد وشر العين ..


اليوم حدث ما لم يكن بالحسبان .. أمرا
لم يحدث من قبل .. فقد ترك حمار المعلم
صابر مكان انتظاره في السوق وجر العربة ووقف بجوار حمارة المعلم بيومي .. يداعبها
برأسه .. ويحك جسده فيها .. طرده المعلم بيومي
.. ولكن لم يلبث الحمار أن اقترب وعاود سيرته الأولى .. اضطر المعلم صابر
أن يربطه من اللجام في أحد أعمدة النور الحديدية
.. ولكنه هاج وثار ، وراح يقفز بقدميه الأماميتين لأعلي .. ثم لم يلبث أن
أطلق عقيرته بالنهيق المتواصل .. كانت هي المرة الأولى التي يُسمع فيها صوت حمار
المعلم صابر في السوق ، وفي غير السوق .. راح المعلم صابر يهدئ من روعه .. ويحايله
.. ويلاطفه ويربت على رقبته ويدلك له شعره حتى اكتملت عملية التحميل .. فسار به
وهو يجر العربة بالحمولة .. وارتاحت نفس المعلم صابر أن رضخ الحمار وسلم له القياد
.. كانت عربة المعلم بيومي تسبقهم بعدة أمتار .. عند أول منعطف انحرفت حمارة
المعلم بيومي بالعربة .. فوجئ المعلم صابر بحماره ينحرف وراءها ويتبعها كظلها ..
لم يكن هو نفس طريق المعلم صابر .. قفز من فوق العربة .. راح يشد اللجام بكل قوته
.. الحمار يقاوم بشراسة رافضا الانقياد له .. لم يجد بدا من استعارة سوط المعلم
بيومي .. راح يلهب ظهر الحمار جلدا وركلا ، ولكن دون جدوى .. توقفت حركة المرور ..
وتكدست السيارات أمام هذا المنظر الفريد .. منظر الحمار المتمرد .. وهو يرفض
الانقياد لصاحبه ، ويطلق قدميه الخلفيتين في هياج وثورة .. احتار المعلم صابر في
أمر حماره .. لم يسبق أن تصرف هكذا منذ مولده .. عسكري المرور يحثه على إنهاء هذه
المهزلة .. ولكن ماذا يفعل .. وقف عاجزا وقد أحكم قبضته على اللجام .. السيارات
تطلق نفيرها بإلحاح .. وقف عسكري المرور أيضا حائرا .. عاجزا .. يشاهد في صمت ..
ثم وكأنه قد واتته فكرة مفاجئة .. فانتفض بغتة واقترب من أذن المعلم صابر وقال له
..


ــ
دعه يسير خلفها ..


وأومأ برأسه في اتجاه حمارة المعلم
بيومي الذي كان منتظرا ليسترد سوطه .. جذب المعلم صابر لجام الحمار وسار به في
اتجاه عربة المعلم بيومي .. فانصاع الحمار لقياده صاغرا .. تعجب المعلم صابر ،
واتفق مع المعلم بيومي أن يظلا معا متلازمين .. حتي ينتهيا من توصيل البضاعة
وتفريغها في أماكنها .. سارت العربتان جنبا إلى جنب ، والرجلان يضربان كفا بكف ..





ــــــــــــــــــــــ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحمـــــــار ( قصة )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شموع الحياة :: اللغة والآدب والشعر :: الرواية والقصة القصيرة-
انتقل الى: