منتديات شموع الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مدفن للبيع ( قصـــــة )

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
مسعدالنحلة
عضو فعال
عضو فعال
مسعدالنحلة


عدد الرسائل : 129
نقاط : 137
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 25/01/2009

مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) Empty
مُساهمةموضوع: مدفن للبيع ( قصـــــة )   مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) I_icon_minitimeالإثنين فبراير 16, 2009 6:59 pm


مدفن للبيع

يجلس صابر في شرفة منزله في المقطم يتطلع إلى المنازل في الأحياء القديمة المجاورة .. إنها تبدو كالأقزام الصغيرة .. لا تكاد تميز الفواصل بينها ، أو تميز الشوارع والميادين فيها .. ولكن مآذن المساجد كثيرة جدا ، ومنتشرة ، وبارزة ، تشير أسنتها إلى السماء كأنها تتضرع ، أو تبتهل إلى الله .. كانت مدببة الرؤوس ، كأنها صواريخ علي أهبة الاستعداد للانطلاق إلى الفضاء الخارجي .. في الاتجاه الآخر من جهة الغرب تتصاعد أبخرة الدخان البيضاء والسوداء من منطقة طره .. تتلوى لأعلى كأنها ثعابين ضخمة لا تلبث أن تتلاشى فى طبقات الجو العليا ، ولكن تبقى سحابة هائلة بيضاء تخفي المصانع والمناطق السكنية كأنها مارد عظيم نام ممدا على سطح الأرض .. أحالت هذه العوادم غرب القاهرة إلى كتلة هوائية خانقة تبعث علي الاكتئاب والزهق .. حمد صابر ربه أن اتجاه الريح في الاتجاه الآخر .. وإلا لم يكن ليستطيع أن يتحمل الجلوس هكذا في الشرفة .. تذكر أيام صباه .. عندما كان يعمل في مصانع صهر الحديد في منطقة حلوان كعامل بسيط باليومية .. بعد أن غضب عليه أباه ، وطرده من المنزل .. بلا ملجأ أو مأوى ، أدمى قدماه في البحث عن عمل ومكان يأويه .. ضاقت عليه المدينة حتى كاد أن يختنق .. نصحه أحد أصدقائه بالسفر إلى حلوان في القاهرة ، صحيح العمل صعب ، ولكنه متاح للجميع حيث أن عمليات التحميل والتفريغ ، والتموين بالطاقة لا تحتاج إلى مهارة ، ولكن تحتاج إلى قوة وجهد .. لم تكن نصيحة الصديق لوجه الله تعالى .. وإنما بسبب طول فترة الاستضافة ومتطلبات الضيافة دون ظهور أي بارقة أمل في الأفق .. مرت عليه فترة العمل بهذه المصانع مرور الطيف .. لم يشعر بالزمن ، لم يشعر بنفسه وحياته ، انفصل تماما عن الدنيا والمشاعر .. حتى التفكير لم يجد الوقت ليمارسه ولو لثواني .. ينتهي يوم العمل فيلقي بجسده المستنفذ فوق الأرض بالمصنع في المكان الذي خصصته الإدارة لأمثاله من المغتربين .. وفي الغالب لم يكن مكانا معدا ، أو مجهزا ، وإنما أي مكان غير مستخدم أو مهمل أو مخصص للتشوين والتخزين .. لم يكن يجد الوقت ليمتعض أو يحزن لما آلت إليه حاله بعد طرد أبيه له ، فبعد انتهاء العمل اليومي كان كل أمله أن يلقي بجسده على أي مكان على وجه الأرض ليستيقظ صباحا علي لكزات وركلات زملائه ، أو الخفراء ، أو العمال .. فيجر نفسه جرا والنوم لا زال يلاحقه .. لتستمر عجلة الأيام تدور على نفس المنوال مع توقف عجلة الزمن البيولوجية ، وتغيب معها كل مداركه وحواسه إلا حركة أعضائه العضلية التي كانت تعمل كالآلة الصماء .. كلما تذكر هذه الأيام المرة اقشعر بدنه .. كلما تذكر أن أباه مات غاضبا منه ، غير راض عنه .. شعر بالندم ، والألم .. كلما تذكر أنه رفع يده على أبيه يهم بضربه ، تمنى أن تقطع يده قبل أن يفعل ذلك .. كلما تذكر أنه كان يشاهد أمه تعامل أباه بقسوة ، وهو طريح الفراش يعاني من سكرات الموت ، أو في أيامه الأخيرة ولا يحرك ساكنا تجاهه ، أو يهم لمعاونته , أو على الأقل يلوم أمه علها تقلع عن ذلك التصرف الوحشي .. أو حتى يبادر بإعطاء أبيه الدواء الذي يعلم تماما أن أمه تتعمد إخفائه .. كلما تذكر هذا كله حزن حزنا شديدا ، وشعر بانقباضة في قلبه ، وغصة في حلقه .

إنه اليوم يجلس وحيدا في شرفة المنزل على هضبة المقطم .. وللدقة فالمنزل ليس منزله .. ولكنه بإسم عدلات زوجته .. كان قد تعرف عليها وهو في دولة الإمارات .. كان يعمل جرسونا في محل أطعمة .. محل من المحلات الفاخرة التي يرتادها علية القوم .. وكانت هي عاملة بسيطة في مصنع تقوم بعمليات التغليف والتعليب .. تزوجها .. استمرا في العمل في هذه الدولة قرابة العشرين عاما .. أنجبوا خلالها ولدين وبنت .. كل عام يقضون أجازتهم الصيفية لمدة شهر في مدن مصر , خاصة الساحلية منها .. كان صابر ينفق ببذخ مبالغ فيه إلى حد التهور .. أما زوجته فلم تكن تنفق مليمًا واحدًا , ولكن كانت تمارس هوايتها المفضلة في شراء الشقق الفاخرة والأراضي الصالحة للبناء بإسمها .. فضلا عن حسابها في البنك الذي كان يتضخم عامًا بعد عام , والذي احتفظت به بشكل سري لا يعلم به أي إنسان , حتى أقرب المقربين .. لم يكن صابر يهتم بمثل هذه الأمور , ولم يلفت نظره إحجام زوجته عن المساهمة في مصاريف الأسرة .. كان يدخر كل دخله طوال العام لينفقه عن بكرة أبيه خلال فترة الأجازة .. يرتاد فيها المصايف والفنادق التي لا يقل مستواها عن الخمس نجوم , في الإسكندرية , والساحل الشمالي , والغردقة وشرم الشيخ , وما شابه .. كل عام كان يغير الأماكن التي يرتادها حتى يعطي نفسه الفرصة لزيارة كل أو معظم الأماكن الفاخرة في مصر والتي لم يكن يجرؤ على الاقتراب منها في صدر حياته .. كان يمنح الهدايا الثمينة ببذخ لأصحابه سواء كانوا قدامي أو حديثي المعرفة , من باب التفاخر والتعالي , ولم يسلم أهله وأخوته من براثن هذه الهدايا والتفاخر والتعالي .. لم يكن يهمهم إلا الهدايا والمنح التي كان يجلبها معه أثناء زيارته السنوية فكانوا يشبعون غروره وتعاليه بالنفاق والإذعان والتضاؤل .. لم تمنعه زوجته .. لم تقدم له النصح للتقليل من إسرافه الصارخ , فقد كان يقوم بالإنفاق ببذخ عليها , وعلى البيت والأولاد .. لم تر أي ضرر في هذا طالما كانت أملاكها مؤمنه وتتزايد كل عام , بل كان ينتابها إحساسا بأنها سيكون لها اليد العليا في المستقبل , ومع تقدم العمر وزوال الشباب والصبا والجمال , سيكون رهن إشارتها , وخاتما في إصبعها , ولن تخيفها نظراته الجريئة الفاحصة للسيدات الصغيرات الجميلات والتي كانت تؤرقها وتثير فيها الغيرة وتشعرها بالخطورة مع بذخه وتبذيره , كانت تعتقد أنه يمكن أن يضعف أمام إحداهن فيحدث ما تخاف منه دائما , والشرع يسمح له بأربع زيجات .. لذا لم تكن تعترض حينما ينفق كل ما ادخره طوال العام .. ويعود إلي عمله في الغربة خالي الوفاض ليعيد الكرة مرة أخرى في العام التالي ..

يتذكر صابر شريط الذكريات .. يتذكر المعاناة التي عاناها في بلاد الغربة .. هناك الأجر نظير العمل لا هوادة أو تكاسل , وإذا تعرض العامل أو المغترب لأي موقف صعب أو لمرض فلا رحمة ولا شفقة .. ينقطع الأجر وربما يفصل من العمل فلا يجد له مأوى أو ملجأ إلا بعض الإعانات الهزيلة من أهل وطنه والتي سرعان ما تتناقص إلى أن تتلاشى تماما .. لذا كان صابر يعمل عشرة ساعات متواصلة طوال اليوم دون شكوى أو تذمر , وإذا انتابه الإعياء أو المرض تحامل على نفسه وأكمل يومه ويسرع إلى الطبيب ليزوده بما يعينه على الصمود خلال اليوم التالي .

بعد أن كبر الأبناء , وأصبح الإبن الأكبر على مشارف الدخول إلى الجامعة قررت الزوجة العودة نهائيًا إلى الوطن مصر .. خاصة أن فاصل العمر بين الأبناء بسيط لا يتعدى العام والعامين .. رضخ صابر لقرار زوجته وأنهوا متعلقاتهم وعادوا لأرض الوطن .. كانت سعادته غامرة فقد كافح في الغربة سنين طوال وذاق من الإذلال وتحكم صاحب العمل الأمرين .. واجتر من علقم الغربة والبعد عن الأصدقاء وشوقه إلى جلسات وسهرات السامر التي كانت تدور فيها رؤوسهم من نشوة السكر , والمخدرات على اختلاف أنواعها .. ظن أن عودته نهائيا سوف تتيح له مساحات زمنيه أكبر لإحياء هذه الجلسات بشكل متواصل ..

كان له رصيدا بالبنك .. لا بأس به .. اقترحت عليه زوجته أن يمارس أي نشاط يتناسب مع إمكانياته .. والتجارة هي مهنة من لا حرفة له , أو من لا خبرة فنيه معقدة نمت معه منذ الصغر , أو توارثها عن آبائه وأجداده .

أقام صابر مشروعا في الدور الأرضي من المنزل لتعبئة المواد الغذائية , وتعاقد مع بعض الموزعين الشباب لتوزيع الإنتاج في المدن الصغيرة البعيدة عن القاهرة نظرا لارتفاع العائد المنتظر .. كان التعامل مع هؤلاء الشباب بالأجل .

استمر هذا الحال لمدة عام .. كان معظم رأس ماله بالسوق .. حان ميعاد التحصيل لعمل الحساب الختامي لمشروعه عن هذا العام .. ولكن الشباب أعلنوا صراحة أن العائد قد تبدد , والعملاء يرفضون الدفع , ومنهم الكثيرون ممن يتهربون منهم .. لا يملكون عليهم سندات أو كمبيالات أو ما يثبت عملية التعامل التجاري إلا ميثاق الشرف .. ويبدو أن الشرف قد فر منهم وانزوى , ولم يعد هناك لا ميثاق , ولا شرف .. انهار المشروع .. وانهار معه صابر ..

بدأت تتوافد عليه الأمراض في زيارات متلاحقة غير مرغوب فيها .. أغلق المشروع .. راح ينفق من باقي رصيده في البنك علي البيت والزوجة والأولاد والأمراض التي ألمت به مؤخرًا من أجور للأطباء ومصاريف المستشفيات الاستثمارية صاروخية التكلفة حتى أتى على آخر الرصيد , وأصبح صفر اليدين .

تناهى إليه صوت زوجته من الداخل رفيعا حادًا كالعرساء ..

ــ انت قاعد بتعمل ايه عندك ؟ .. ما تقوم تشوف لك شغلانه .. بدل ما انت قاعد ملكش عوزه ..

دأبت في الفترة الأخيرة على الغلظة في التعامل معه .. حاول أكثر من مرة أن يعترض , أو يبدى رأيا , أو يفرض قرارا لإثبات الذات .. كما كان يفعل في الماضي وكانت تستكين له صاغرة مطيعة .. ولكن اليوم الأمر قد اختلف تماما .. فقد أصبحت تعنفه بشراسة , وانفلت منها الحبل بأشنع كلمات وعبارات السباب والشتائم المنتقاة من أردأ الأحياء الشعبية المتواضعة , أو تلك التي لا تسمعها إلا في مجتمعات الغجر .. في أحد المرات حين اشتد الخلاف والخناق بينهما .. خيرته بين أن يبقى في البيت صاغرا مطيعا بالتي هي أحسن , أو يجمع أشياءه ويغادر إلي غير رجعة غير مأسوف عليه فكان هذا التصرف منها كالطامة الكبرى نزلت على أم رأسه بلا رحمة .. ما زاد من حزنه , وسكب المرارة في حلقه .. أن أولاده وبنته كانوا يشاهدون تصرفات أمهم بلا مبالاة , أو اعتراض من أى نوع .. شعر باختناق في صدره .. تشنجت يداه وهو يقبض على فتحة جلبابه فوق منطقة قلبه . الهواء قليل , يأبى أن يدخل إلى صدره .. راحت يداه تتأرجح في الهواء .. عاجلته بصوتها الرفيع الحاد ..

ــ ايوه يا خويا اعملنا شوية تمثيليات .. جتك الهم ربنا يا خدك ..

تركت الصالة إلى المطبخ .. تفرق الأولاد ضاحكين كأنهم كانوا يشاهدون مشهدا في مسرحية كوميدية علي المسرح .. سقط الرجل على الأرض .. زحف بعناء شديد محاولا الوصول إلى الدواء .. سقطت بعض الزجاجات الصغيرة من فوق المنضدة في ركن الصالة وجد فيها ضالته .. حيث تناول بيد واحدة زجاجة الدواء , وأطاح غطاءها البلاستيك بإبهامه , والتقط حبات الدواء التي تناثرت على الأرض وتناولها في جرعة واحدة .. وبعد برهة أخلد إلى النوم في مكانه على الأرض والعرق يتصبب من جبينه , ولم يلبث أن راح في ثبات عميق ..

زاره طيف أبيه في نومه .. يقف بجوار رأسه ينظر إليه من علٍ نظرة تشفي وسخرية .. ثم لم يلبث الطيف أن اختفى .. استيقظ صابر مذعورا .. تذكر يوم ماتت أمه منذ ثلاثة أشهر مضت .. يومها زاره طيف أبيه في المنام .. بنفس الهيئة , والنظرة المتشفية والابتسامة الساخرة .. كانت أمه تعاني من المرض .. الذى اشتد عليها في أيامها الأخيرة .. طلبت دواءها .. سأل زوجته .. هبت فيه صارخة ..

ــ دوا ايه ؟ انت حتشتغللي انت وامك ؟ .. أمك مفيهاش حاجة .. دي بتدلع ..

ولما اعترض صرخت فيه كبركان هائج يقذف حممه في غضب ..

ــ با قولك ايه .. خد امك وشوفو لكم حته تانيه تمثلوا فيها .. أنا مفياش روح لكده ..

تركها صاغرا وراح يبحث عن الدواء فوجده خلف الحلل والأطباق في دولاب المطبخ .. كانت زوجته قد أخفته عن عمد .. عاد لأمه بالدواء فوجدها قد لفظت أنفاسها الأخيرة , وعلامات الفزع والرعب تنضح من وجهها .. وقد تصلبت أصابعها على عنقها .. يومها دخل صابر غرفته , وأغلق بابها .. ألقى بجثته على السرير , وراح يجهش بالبكاء وهو يردد ..

ــ سامحني يا أبي ... سامحيني يا أمي ...

تذكر وهو يبكي يوم أن ألحقته أمه بالسنة الأولى بالمدرسة الإبتدائية , بعد أن أعدت الملابس الجديدة , والشنطة وأدوات الكتابة .. تذكر الفرحة تطل من عينيها وهي تعينه علي ارتداء ملابسه , وكيف احتضنته في سعادة , وأمطرته بالقبل في كل مكان في وجهه .. تذكر حين اصطحبته إلى المدرسة , وانتظرته طوال اليوم خارجها إلى أن انتهت الدراسة فتلقفته في لهفة و وأمطرته بوابل من الأسئلة الكثيرة وهي تضحك في سعادة غامرة ..

تذكر كيف فرح أبوه فرحا شديدا يوم نجح في الحصول على الشهادة الإعدادي .. فمنحه مبلغا كبيرا من المال لأول مرة في حياته .. وقام بنفسه ليوزع الشربات على الجيران في سعادة غامرة .. جعلتهم يتندرون عليه مداعبين ..

ــ أمال حتعمل إيه لما ياخد الثانويه يا بو صابر ؟ ..

تذكر يوم أن مرض وارتفعت درجة حرارته , وظل يقظا علي رأسه حتى الصباح بالكمدات الباردة حتى تنخفض الحرارة فيحمله ويسرع به إلى المستشفى لإسعافه .. فيكتشف أن الوقت مبكرا فينتظر على جمر من نار إلى أن يحضر الموظفين والأطباء , ولا يهدأ له بال إلا بشفاء إبنه والاطمئنان عليه ..

كان شريط الذكريات يمر على صابر وهو يبكي وحده في غرفته ..

تذكر عندما وبخه أبوه بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة , لأنه ضبطه متلبسا بتدخين سيجارة في الحمام .. ثار الإبن .. رفع يده في فورة ثورته وكأنه يكاد يصفع أباه .. زاد غضب الأب وراح يرغي ويزبد , وأقسم بأغلظ الأيمان أن ابنه لن يمكث لحظة واحدة في البيت .. تذكر حين أهمل أباه المريض في أيامه الأخيرة ولم يقدم له العون ولم يساعده وهو عاجز لا يقوى على شيء .. تذكر عينا أبيه الدامعة وهي ترمقه بنظرات حانقة كلها أسى وأسف ولوم ويأس ..

تذكر إخوته الذين كان يغدق عليهم بالهدايا والأموال .. أين هم الآن ؟ .. لماذا لا يسألون عنه , أو يتصلون به ؟ .. صحيح أن زوجته بجفائها وصلفها قد تمكنت من قطع وصالهم .. لكن كان يجب أن يسألوا عنه , ولو من باب الاطمئنان .. وخاصة وأنه أصبح وحيدا مريضا , قليل الحيلة مهددا بالطرد في أية لحظة

اشتد عليه الألم مرة أخرى .. شعر أنه يختنق .. قام .. فتح الباب .. نادى على ابنه الأكبر بصوت مبحوح لا يكاد يبين .. لم يستطع التماسك .. ترنح .. سقط على الأرض مغشيا عليه وقد فقد وعيه ..

شاهد الابن أباه .. هرع إلى أمه ليخبرها بحال أبيه .. وقفت بجواره وهو مسجي علي الارض .. أمسكت رسغه .. فردت كفها ليتهاوى وقالت ..

ــ ياللا يا ولاد .. خشوا ذاكروا .. دا بيدلع مفيهوش حاجة ..

في الصباح اكتشفت الزوجة عدلات ( أو تظاهرت بذلك ) أن صابر زوجها قد فارق الحياة .. اتصلت بأخوتها في البلد .. طلبت عربة لنقل الموتى , وقالت لأبنائها ..

ــ ياللا يا أولاد عشان حنسافر البلد .. ندفن أبوكم هناك ..

ــ بس يا ماما .. بابا باني هنا مدفن , واحنا ملناش مدافن في البلد ..

ــ فيه ناس ولاد حلال حندفنه عندهم في مدافن الصدقة ..





ــطيب يا ماما .. المدفن اللي هنا ؟ ..

ــ للبيع ...

*******
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الثري
عضو متألق
عضو متألق
عاشق الثري


عدد الرسائل : 243
العمر : 34
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/09/2008

مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدفن للبيع ( قصـــــة )   مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 17, 2009 5:32 pm

مدفن للبيع
عنوان يوضح
بيع الاصل
بس دا اكيد مش سهل
لقد شدتنى قصتك للنقد
ولكن الوقت لايسمح
سوف احاول انقد الادوسيه
وارجو التوفيق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com
مسعدالنحلة
عضو فعال
عضو فعال
مسعدالنحلة


عدد الرسائل : 129
نقاط : 137
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 25/01/2009

مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدفن للبيع ( قصـــــة )   مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 17, 2009 9:50 pm

عاشق الثري كتب:
مدفن للبيع
عنوان يوضح
بيع الاصل
بس دا اكيد مش سهل
لقد شدتنى قصتك للنقد
ولكن الوقت لايسمح
سوف احاول انقد الادوسيه
وارجو التوفيق

أخي عاشق الثرى
لقد شوقتني لرأيك السديد الواعي
وخاصة أنه سيكون من أديب وناقد ومتزوق
وأنا أنتظر على أحر من الجمر لأني متيقن من أنني سأستفيد كثيرا
وتقبل تحياتي
أخوك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الثري
عضو متألق
عضو متألق
عاشق الثري


عدد الرسائل : 243
العمر : 34
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/09/2008

مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدفن للبيع ( قصـــــة )   مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 20, 2009 6:17 pm


اولا احب ان اعرف القصه القصيره لسيادتكم
التعريف:-لقد اختلف النقاد والكتاب فى تعريف القصه القصيره ولعل اقرب التعريفات هو :-انها اقرب الفنون إلى روح العصر لانها انتقاء للروايه وانتقلت بها من التعميم للتخصيص تتناول الحياه باكملها أو شخصيه باكملها بكل مايحيط بها من ظروف وملابسات وحوادث كالروايه وانما هى اكتفاء بتصوير جانب واحد فى فى الحياهوإضفاء كلمات تعبر عن الموضوع او اهتمام بموقف واحد من مواقف الحياه......
ولكن فى هذه القصه لقد كتبتم حياه رجل بكاملها وتصوير الاسى والمعاناه وإلخ ......
قد انقص بعضا من عناصرها.....

إلى التفصيل:-
اولا اسمح لى بالبدئ بالاسس البنائيه للقصه القصيره:-
1-مبدأالوحده:-
من طبيعه القصه القصيره عدم السماح بتنوع العناصر وهو جوهر بناء القصه القصيره فيجب شمول فكره واحده او عنصر واحد فقط ومعالجتها حتى النهايه بأسلوب واحد فقط..
ولكن فى هذه القصه قد بدأت بحياه صابر فى صباه ..عنصر
وكذلك طرده من البيت ... وكذلك سفره ...وضيافه صاحبه.. وزواجه...وإلخ ..كل هذه عناصر تنهى على مبدأ الوحد
2-مبدأالتكثيف:-
هو مقوما من مقومات الإجابيه فى القصه فالقصه القصيره هى ذات الملكه صاحبه الصفات الراسخه من التركيزوالتكثيف الشديد
وقد اطلت فى كتابه معاناه صابر وكان يمكن توضيحها فى القليل..
3-تفاصيل الإنشاء :-وهو اربع اقسام
*الأول :-مايتعلق بالشخصيات :- نظر لمبدأ اتكثيف والوحده فيجب عدم السعى خلف ظهور شخصيات ثانويه كثيره مثل صاحبه الذى أضافه ..وإلخ
* الثانى:-مايتعلق بالحوار:-فى القصه القصيره إما ان يكون الحوار صامت او ظاهر وقد تفوقت فى ذلك واظهرت النوعين ولكن مزج الحوار الصامت قد اعجبنى اكثر من الحوار الظاهر فى عندك يوضح الراوى بالصوره التى تتجلى عن الحديث وكأن الابطال هم من يتحدث وانك قد رسمت الابطال أمام عينى فى سقوط صابر أرضا وسقوط الدواء والكثير من هذه الفقرات النادر وجودها ....
* مايتعلق بالصراع :- فالصراع هنا هو العمود الفقرى لهذه القصه و الصراع نوعين صراع خارجى اى يدور خارج الشخصيه اى فى البيه المحيطه مثلا او داخلى وهو فى الحالتين لابد ان يكون ذو قيمه عاليه وقد وجدت القيمه بالرغم من طول الصراع....
*مايتعلق بالتشويق :-هو اسا س المتعه الفنيه فيها وهو تلهف القارئ على معرف الاحداث وهو هنا جيد ....
*مايتعلق بالصدق:-لابد ان تكون اقصه القصيره صادقه مع الواقع الذى تقدم فيه اى ان تكون كل التفاصيل مقنعه عند تقديمها وهو متواجد فى قصتكم....

اعجبنى ولم يعجبنى
مدفن للبيع

عنوان رائع على الرغم من انه يمثل سوى اخر القصه

يجلس صابر في شرفة منزله في المقطم يتطلع إلى المنازل في الأحياء القديمة المجاورة ..
اعجبتى البدايه على الرغم من وجود طول فى شرح وتفاصيل جلوس صابر فى الشرفه...
وإنما بسبب طول فترة الاستضافة ومتطلبات الضيافة دون ظهور أي بارقة أمل في الأفق .
دا ممكن مع وجو الفشل مافيش واحد هايتحمل واحد كده فالنصيحه هى من باب الخوف على المستقبل ولا سيما جلوس صابر بلا عمل
وقد اجدت فى اندماج صابر فى العمل
. مرت عليه فترة العمل بهذه المصانع مرور الطيف .. لم يشعر بالزمن
هذه العباره كافيه
، لم يشعر بنفسه وحياته ، انفصل تماما عن الدنيا والمشاعر .. حتى التفكير لم يجد الوقت ليمارسه ولو لثواني
أظنها من الزيادات التى يجب قصها لتوفير عنصر التكثيف
لأمثاله ..........هذه الكلمه تكفى للكثير حيث توضح مكانه صابر فى المجتمع وهيئته وحاله وماله وسكنه فهى كلمه القصه القصيره
وفي الغالب لم يكن مكانا معدا ...من.، كان يجب حذف هذا الجزئ ..الى... عجلة الزمن البيولوجية ،
وكان يكن اختصار هذا الجزئ أيضا......إلى ، وغصة في حلقه .

وفقره تدهور الحال وندمه على مامضى كان يمكن إختصارها
واكثر الاشياء التى اعجبتى هو دمج الحوار الظاهر مع الحوار الصامت بطريق مزهله حيث خروج القارئ من الصامت ليجد نفسه على خشبه المسرح فى طرفه العين او اقل
ارجو ان لا اكون قد اطلت على سيادتكم ولكنى عجزت على إخفاء الكثير
وذلك حبا فى سيادتكم وقد امتعت كثير بهذه القصه
وأحداثها التى مثلت امام عينى
شكر لك استاذنا
ارجو قبول النقد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com
مسعدالنحلة
عضو فعال
عضو فعال
مسعدالنحلة


عدد الرسائل : 129
نقاط : 137
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 25/01/2009

مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدفن للبيع ( قصـــــة )   مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 20, 2009 7:55 pm

أخي عاشق الثرى
دعني أهنئك على هذا الوعي والمعرفة والتمكن في مقومات وشكل وصفات وعناصر القصة القصيرة
ودعني أيضا أتنبأ لك بمستقبل باهر في مجال الأدب .. وقد لا أبالغ إذا قلت لك أنك ذكرتني ببدايات حياته مع الأدب حيث بدا حياته الأدبية في سن صغير وبرع في المقالات النقدية والفنيه في عالم الرواية والقصة وكان بارعا
ولكن دعني أتحاور معك قليلا فالحوار معك ممتع ومفيد .. وسأطرح بعض الأسئلة ربما أجد لها تفسيرا لديك
هل القصة القصيرة تمكنت فعلا من الوصول إلى ملامح محددة أم لا زالت تبحث عن تعاريف وأنماط لها بدليل أننا نقرأ كثيرا عن كتاب يحاولون التجريب أو ما نقرأه على الساحة متنوع ومتباين في أنماطه
هل ما كان يكتبه الكتاب الكبار في مجال القصة أمثال يوسف إدريس ومحمود البدوى ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وغيرهم كان خروجا عن شكل ومواصفات القصة القصيرة
هل لم يعد هناك مكانا لمصطلح ( القصة الطويلة ) في تصنيف الحكي الروائي والقصصي فقد كنت أعتقد أنه في وقت ما كان هناك ثلاث أنواع لأدب الحكي ( الرواية ـ القصة الطويلة أو القصة ـ القصة القصيرة ) وكل له مواصفاته ـ وربما أكون مخطئا فقراءاتي قديمة
ربما حاولت أنا أن أعنون ما كتبت ( بالقصة ) متلافيا أن أقول ( قصة قصيرة ) كما حدث في قصة سوق السيارات
أشكرك أخي عاشق الثرى على هذا الحوار الممتع الذي سيفيد قطعا السادة الأعضاء والزائرين
وتقبل تحياتي
أخوك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الثري
عضو متألق
عضو متألق
عاشق الثري


عدد الرسائل : 243
العمر : 34
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/09/2008

مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدفن للبيع ( قصـــــة )   مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) I_icon_minitimeالجمعة فبراير 20, 2009 10:33 pm

مسعدالنحلة

أخي عاشق الثرى
دعني أهنئك على هذا الوعي والمعرفة والتمكن في مقومات وشكل وصفات وعناصر القصة القصيرة
ودعني أيضا أتنبأ لك بمستقبل باهر في مجال الأدب .. وقد لا أبالغ إذا قلت لك أنك ذكرتني ببدايات حياته مع الأدب حيث بدا حياته الأدبية في سن صغير وبرع في المقالات النقدية والفنيه في عالم الرواية والقصة وكان بارعا
ولكن دعني أتحاور معك قليلا فالحوار معك ممتع ومفيد .
شكرا لك استاذى الكبير ....ولكن من هو؟؟؟
. وسأطرح بعض الأسئلة ربما أجد لها تفسيرا لديك
هل القصة القصيرة تمكنت فعلا من الوصول إلى ملامح محددة أم لا زالت تبحث عن تعاريف وأنماط لها بدليل أننا نقرأ كثيرا عن كتاب يحاولون التجريب أو ما نقرأه على الساحة متنوع ومتباين في أنماطه
لم تتوصل القصه القصيره إلى انماط محدده ولكن استطاع النقاد والكتاب امثال ثوسف إدريس وغيره فى وضع اسس لها
هل ما كان يكتبه الكتاب الكبار في مجال القصة أمثال يوسف إدريس ومحمود البدوى ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وغيرهم كان خروجا عن شكل ومواصفات القصة القصيرة
بالطبع ليس انا من يقرر ولكن انا قلت انهم هم من وضعو اسس للقصه القصيره فايوسف إدريس بلا شك رائد فى مجال القصه القصيره
وانا قد نقدت قصتكم بناء على إضطلاعات لنقد قصص يوسف إدريس وانا متتبع خطا العظماء امثال:
د.عونى عبد الرؤف-د.أحمد كشك-د.رشدى طعيمه -د.عبد الحميد إبراهيم -.د. حسين شرف -د.يوسف نوفل
د.محمد حسين سباق -د.فريال عبد القادر وأ.مسعد النحله وغيرهم
هل لم يعد هناك مكانا لمصطلح ( القصة الطويلة ) في تصنيف الحكي الروائي والقصصي فقد كنت أعتقد أنه في وقت ما كان هناك ثلاث أنواع لأدب الحكي ( الرواية ـ القصة الطويلة أو القصة ـ القصة القصيرة ) وكل له مواصفاته ـ وربما أكون مخطئا فقراءاتي قديمة
انت دائما على صواب سيدى ولكن اسمح لى بضم المقامات
ربما حاولت أنا أن أعنون ما كتبت ( بالقصة ) متلافيا أن أقول ( قصة قصيرة ) كما حدث في قصة سوق السيارات
إنها ليست محاوله بل من انجح المحاولات لقد امتعتنا بها حقا من صراع وحوار صامت وظاهر فى من اجمل ماقرئت وكيف بل فخر لى بنقدها وارباه...
أشكرك أخي عاشق الثرى على هذا الحوار الممتع الذي سيفيد قطعا السادة الأعضاء والزائرين
وتقبل تحيات
أخوك
الشكر والثناء لك
فأنت دائما وابدا على بال القصيد

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com
مسعدالنحلة
عضو فعال
عضو فعال
مسعدالنحلة


عدد الرسائل : 129
نقاط : 137
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 25/01/2009

مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدفن للبيع ( قصـــــة )   مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) I_icon_minitimeالسبت فبراير 21, 2009 2:53 pm

أخي عاشق الثرى
لقد أمتعتني وأفدتني بهذه المناقشة الجميلة
أشكرك جزيل الشكر
أما من كنت أقصده ونسيت كتابة إسمه والذي ذكرتني به هو أديبنا العملاق نجيب محفوظ
فسر على بركة الله
وربنا يوفقك
أخوك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الثري
عضو متألق
عضو متألق
عاشق الثري


عدد الرسائل : 243
العمر : 34
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/09/2008

مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: مدفن للبيع ( قصـــــة )   مدفن للبيع  (  قصـــــة  ) I_icon_minitimeالإثنين فبراير 23, 2009 1:44 am

[center][center]أخي عاشق الثرى
لقد أمتعتني وأفدتني بهذه المناقشة الجميلة
أشكرك جزيل الشكر
أما من كنت أقصده ونسيت كتابة إسمه والذي ذكرتني به هو أديبنا العملاق نجيب محفوظ
فسر على بركة الله
وربنا يوفقك
أخوك
***
شكرا لك
استاذنا
مسعد النحله
واتمنى ان اكون عند حسن ظنكم
دائماوأبداً
تلميذك
ارجو تقبلها
وشكرا على الحوار الممتع
وثقتكم في
وانت على الرحب والسعه
فى كل زمان واى حين تشأ
شكرا لك
[/center]
[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com
 
مدفن للبيع ( قصـــــة )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شموع الحياة :: اللغة والآدب والشعر :: الرواية والقصة القصيرة-
انتقل الى: